Bekijk volle/desktop versie : Labitheena fihaa a7qaaba
فمن أدلة القول الأول منهما : قوله تعالى : " قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم " [ الأنعام : 128 ] . وقوله تعالى . " فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد " [ هود : 106 - 107 ] . ولم يأت بعد هذين الاستثناءين ما أتى بعد الاستثناء المذكور لأهل الجنة ، وهو قوله : " عطاء غير مجذوذ " [ هود : 108 ] . وقوله تعالى : " لابثين فيها أحقابا " [ النبأ : 23 ] .
وهذا القول ، أعني القول بفناء النار دون الجنة - منقول عن عمر ، وابن مسعود ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد ، وغيرهم .
[ ص: 627 ] [ ص: 628 ] وقد روى عبد بن حميد في تفسيره المشهور ، بسنده إلى عمر رضي الله عنه ، أنه قال : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج ، لكان لهم على ذلك وقت يخرجون فيه ، ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى : " لابثين فيها أحقابا " [ النبأ : 23 ] . قالوا : والنار موجب غضبه ، والجنة موجب رحمته . وقد قال صلى الله عليه وسلم : " لما قضى الله الخلق ، كتب كتابا ، فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي " . وفي رواية : تغلب غضبي . رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . قالوا : والله سبحانه يخبر عن العذاب أنه : " عذاب يوم عظيم " [ الأنعام : 15 ] . وأليم [ هود : 26 ] . وعقيم [ الحج : 55 ] . ولم يخبر ولا في موضع واحد عن النعيم أنه نعيم يوم . وقد قال تعالى : " عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء " [ الأعراف : 156 ] . وقال تعالى حكاية عن الملائكة : " ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما " [ غافر : 7 ] . فلا بد أن تسع رحمته هؤلاء المعذبين ، فلو بقوا في العذاب لا إلى غاية لم تسعهم رحمته . وقد ثبت في الصحيح تقدير يوم القيامة بخمسين ألف سنة ، والمعذبون فيها [ ص: 629 ] متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم ، وليس في حكمة أحكم الحاكمين ورحمة أرحم الراحمين أن يخلق خلقا يعذبهم أبد الآباد عذابا سرمدا لا نهاية له . وأما أنه يخلق خلقا ينعم عليهم ويحسن إليهم نعيما سرمدا ، فمن مقتضى الحكمة . والإحسان مراد لذاته ، والانتقام مراد بالعرض .
قالوا : وما ورد من الخلود فيها ، والتأبيد ، وعدم الخروج ، وأن عذابها مقيم ، وأنه غرام - : كله حق مسلم ، لا نزاع فيه ، وذلك يقتضي الخلود في دار العذاب ما دامت باقية ، وإنما يخرج منها في حال بقائها أهل التوحيد . ففرق بين من يخرج من الحبس وهو حبس على حاله ، وبين من يبطل حبسه بخراب الحبس وانتقاضه .
علينا أن نسأل أهل الفن عن الأسانيد